لطالما أثارت العناكب فضول البشر، فمنها ما يثير الرهبة ومنها ما يبهرنا بجمال شبكاته الهندسية المعقدة. هذه الكائنات الثمانية الأرجل، التي غالبًا ما تُخلط بالحشرات، هي في الواقع جزء من فئة منفصلة تمامًا تُعرف باسم العنكبيات. إنها كائنات حيوية تلعب دورًا لا غنى عنه في توازن نظامنا البيئي، حيث تعمل كمفترسات طبيعية للحشرات، مما يساعد في السيطرة على أعداد الآفات. في هذا المقال، سنغوص في أعماق عالم العناكب، مستكشفين تنوعها المذهل، تصنيفاتها العلمية، تشريحها الفريد، سلوكياتها المعقدة، وأبرز أنواعها حول العالم وفي بيئتنا العربية.
مقدمة إلى عالم العناكب المدهش
العناكب، هذه المخلوقات الصغيرة التي غالبًا ما نراها تنسج خيوطها في زوايا منازلنا أو بين أغصان الأشجار، هي أكثر تعقيدًا وإثارة للاهتمام مما قد نتخيل. تنتمي العناكب إلى رتبة “Araneae”، وهي الأكبر ضمن طائفة العنكبيات، التي تضم أيضًا العقارب والقراد والسوس. ما يميز العناكب عن الحشرات هو امتلاكها لثمانية أرجل بدلاً من ستة، وعدم وجود أجنحة أو قرون استشعار. يتجاوز عدد أنواع العناكب المعروفة 50,000 نوع، موزعة على آلاف الأجناس ومئات الفصائل، وتعيش في كل بيئة تقريبًا على وجه الأرض، من الصحاري القاحلة إلى الغابات المطيرة الكثيفة، وحتى في بيئاتنا الحضرية.
التصنيف العلمي للعناكب: فهم التنوع
لفهم العناكب بشكل أعمق، من الضروري التعرف على تصنيفها العلمي الذي يضعها في مكانها الصحيح ضمن شجرة الحياة. تنتمي العناكب إلى:
•النطاق: حقيقيات النوى (Eukaryota)
•المملكة: الحيوانات (Animalia)
•الشعبة: مفصليات الأرجل (Arthropoda)
•الطائفة: العنكبيات (Arachnida)
•الرتبة: رتيلاوات (Araneae)
تُعد رتبة العناكب (Araneae) الأكبر ضمن طائفة العنكبيات، حيث تضم أكثر من 50,000 نوع موصوف حتى الآن، موزعة على حوالي 130 فصيلة. تنقسم العناكب بشكل رئيسي إلى رتيبتين:
•العناكب المقطعة (Mesothelae): تُعتبر هذه المجموعة الأكثر بدائية، وتتميز بوجود تقسيمات واضحة على بطنها. تعيش هذه العناكب في جحور وتُعرف بأنها لا تبني شبكات معقدة مثل معظم العناكب الحديثة.
•العناكب الحديثة (Opisthothelae): هذه هي المجموعة الأوسع والأكثر تنوعًا، وتشمل الغالبية العظمى من أنواع العناكب المعروفة. تتميز ببطن غير مقسم وتضم تحتها مجموعتين رئيسيتين: العناكب الرتيلاء (Mygalomorphae) والعناكب الحقيقية (Araneomorphae).
هذا التصنيف يساعد العلماء على فهم العلاقات التطورية بين الأنواع المختلفة وتحديد خصائصها الفريدة. فكل نوع من العناكب، مهما كان صغيرًا أو غير ملحوظ، يمتلك مكانًا محددًا في هذا الهيكل التصنيفي المعقد.
تشريح العنكبوت: آلة طبيعية متكاملة
تتميز العناكب بتشريح فريد يميزها عن غيرها من الكائنات. يتكون جسم العنكبوت من جزأين رئيسيين ملتحمين:
•الرأسصدر (Cephalothorax): وهو الجزء الأمامي الذي يجمع بين الرأس والصدر. يحمل هذا الجزء ثمانية أرجل، مرتبة في أربعة أزواج، وهي الأداة الرئيسية للعنكبوت في الحركة والصيد. كما يحتوي الرأسصدر على العيون، والتي تختلف في عددها وترتيبها بين الأنواع، فمعظم العناكب تمتلك ثماني عيون، لكن بعضها قد يمتلك ستًا أو أقل. بالإضافة إلى ذلك، يوجد في هذا الجزء الفكوك (chelicerae) التي تحتوي على الأنياب السامة، واللوامس القدمية (pedipalps) التي تستخدم للإحساس والتزاوج.
•البطن (Abdomen): وهو الجزء الخلفي من الجسم، وعادة ما يكون أكبر حجمًا وأكثر ليونة من الرأسصدر. يحتوي البطن على الأعضاء الداخلية الحيوية مثل الجهاز الهضمي، والجهاز التنفسي، والغدد المنتجة للحرير. في الجزء الخلفي من البطن، توجد المغازل (spinnerets)، وهي أعضاء صغيرة ومتخصصة تفرز الحرير السائل الذي يتصلب عند ملامسته للهواء. هذا الحرير هو المادة الأساسية التي تستخدمها العناكب في بناء شبكاتها، وتغليف فرائسها، وصنع أكياس البيض، وحتى كوسيلة للتنقل.
إن التناسق بين هذه الأجزاء يسمح للعناكب بأداء وظائفها الحيوية بكفاءة عالية، من الصيد وبناء الملاجئ إلى التكاثر والدفاع عن النفس.

أنواع العناكب الشائعة حول العالم
يُعد عالم العناكب غنيًا بالتنوع، فلكل نوع خصائصه الفريدة وسلوكياته المميزة. فيما يلي نستعرض بعضًا من أشهر أنواع العناكب التي قد تصادفها حول العالم:
•الأرملة السوداء (Black Widow Spiders): تُعرف هذه العناكب بلونها الأسود اللامع وعلامة الساعة الرملية الحمراء المميزة على الجانب السفلي من بطنها. تنتشر بشكل خاص في الولايات المتحدة الأمريكية، وتفضل الأماكن الجافة والمظلمة. على الرغم من أن لدغتها سامة وقد تسبب أعراضًا مثل ارتفاع ضغط الدم والغثيان، إلا أنها نادرًا ما تكون قاتلة ويمكن علاجها بفعالية. الأنثى هي الأكثر عدوانية، خاصة عند حماية بيضها.
•العنكبوت الناسك البني (Brown Recluse Spiders): يتميز هذا العنكبوت بلونه البني وعلامة تشبه الكمان على ظهره. يتواجد في العديد من الولايات الأمريكية، ويفضل الأماكن الخارجية مثل أكوام الأخشاب، ولكنه قد يوجد أيضًا داخل المنازل. لدغته قد تسبب ألمًا شديدًا وارتفاعًا في درجة الحرارة، ولكنها عادة ما تكون قابلة للعلاج.
•العنكبوت المنزلي (House Spiders): من أكثر العناكب شيوعًا وانتشارًا في المنازل حول العالم. غالبًا ما يكون لونه بنيًا مائلاً إلى الأصفر، ويمتلك بطنًا مشدودة. على الرغم من أنه قد يسبب إزعاجًا، إلا أن لدغاته غير خطيرة ولا تشكل تهديدًا كبيرًا للإنسان.
•العنكبوت القافز (Jumping Spiders): تتميز هذه العناكب بعيونها الكبيرة وقدرتها على القفز لمسافات طويلة لاصطياد فرائسها. غالبًا ما تكون مغطاة بشعر كثيف وتأتي بألوان مميزة. لدغاتها غير سامة وتفضل هذه العناكب الهرب على المواجهة.
•عنكبوت الأقباء طويل الجسد (Long-bodied Cellar Spiders): تُعرف أيضًا باسم “عناكب الساق الطويلة”، وهي عناكب ذات جسم صغير وأرجل طويلة ورفيعة. تفضل الأماكن الرطبة والمظلمة مثل الأقباء والحمامات. تُعد هذه العناكب مسالمة تمامًا ولا تشكل أي خطر على الإنسان.
•العنكبوت الذئب (Wolf Spiders): تتميز هذه العناكب بجسمها الكبير المغطى بالشعر وأرجلها الطويلة والقوية. هي مفترسات نشطة لا تعتمد على الشبكات لاصطياد فرائسها، بل تطاردها على الأرض. لدغاتها ليست خطيرة على الإنسان، ولكنها قد تلدغ إذا شعرت بالتهديد.
•الرتيلاء (Tarantulas): هي مجموعة كبيرة من العناكب المعروفة بحجمها الكبير وشعرها الكثيف. تعيش في مجموعة متنوعة من البيئات حول العالم. على الرغم من مظهرها المخيف، إلا أن معظم أنواع الرتيلاء ليست خطيرة على الإنسان، ولدغاتها غالبًا ما تكون مؤلمة ولكنها غير سامة بشكل مميت. بعض الأنواع قد تطلق شعيرات مهيجة كآلية دفاعية.
العناكب السامة: حقائق يجب أن تعرفها
على الرغم من أن غالبية العناكب غير ضارة للإنسان، إلا أن هناك عددًا قليلاً من الأنواع التي تمتلك سمًا قويًا بما يكفي لإحداث تأثيرات طبية. من المهم فهم هذه الأنواع وكيفية التعامل معها:
•الأرملة السوداء (Black Widow Spiders): كما ذكرنا سابقًا، سم الأرملة السوداء هو سم عصبي يؤثر على الجهاز العصبي. يمكن أن يسبب آلامًا شديدة في العضلات، تشنجات، غثيان، وارتفاع في ضغط الدم. على الرغم من أن الأعراض قد تكون مزعجة، إلا أن الوفيات نادرة جدًا، خاصة مع توفر الرعاية الطبية. [1]
•العنكبوت الناسك البني (Brown Recluse Spiders): سم هذا العنكبوت هو سم خلوي، مما يعني أنه يدمر الأنسجة. لدغته قد لا تكون مؤلمة في البداية، ولكنها تتطور إلى قرحة مفتوحة قد تستغرق أسابيع أو شهورًا للشفاء، وفي بعض الحالات النادرة قد تتطلب تدخلًا جراحيًا. [2]
•العنكبوت البرازيلي الجوال (Brazilian Wandering Spider): يُعتبر هذا العنكبوت من أخطر العناكب في العالم. سمه قوي جدًا ويمكن أن يسبب آلامًا شديدة، مشاكل في التنفس، وفي الحالات الشديدة قد يؤدي إلى الوفاة إذا لم يتم علاجه. يتميز هذا العنكبوت بسلوكه العدواني وقدرته على القفز. [3]
•عناكب القمع (Funnel-web Spiders): توجد هذه العناكب بشكل رئيسي في أستراليا وتُعد من أخطر العناكب السامة. سمها عصبي سريع المفعول ويمكن أن يسبب أعراضًا خطيرة مثل التعرق، الغثيان، القيء، صعوبة في التنفس، وفي الحالات الشديدة قد يؤدي إلى الوفاة. لحسن الحظ، يتوفر مضاد للسم فعال. [4]
من المهم التأكيد على أن لدغات العناكب السامة نادرة، وأن معظم العناكب تفضل تجنب المواجهة مع البشر. في حالة لدغة العنكبوت، يُنصح دائمًا بطلب المساعدة الطبية لتحديد نوع اللدغة وتلقي العلاج المناسب.

العناكب غير السامة: أصدقاء البيئة الصامتون
على النقيض من الأنواع السامة، تشكل الغالبية العظمى من العناكب جزءًا لا يتجزأ من نظامنا البيئي، وتُعد مفيدة للإنسان بشكل كبير. هذه العناكب، على الرغم من أنها قد تثير الخوف لدى البعض، إلا أنها تلعب دورًا حيويًا في مكافحة الآفات الزراعية والحشرات المزعجة في المنازل والحدائق. لدغاتها، إن حدثت، عادة ما تكون غير مؤلمة أو تسبب أعراضًا خفيفة جدًا مثل الاحمرار أو الحكة، وتزول بسرعة دون الحاجة إلى تدخل طبي. من أمثلة هذه العناكب:
•عناكب المنزل الشائعة: كما ذكرنا سابقًا، هذه العناكب منتشرة جدًا في البيئات الحضرية وتتغذى على الذباب والبعوض وغيرها من الحشرات المنزلية.
•العناكب القافزة: بالإضافة إلى مظهرها الجذاب وسلوكها المثير للاهتمام، تُعد العناكب القافزة مفترسات فعالة للحشرات الصغيرة.
•عناكب الأقباء طويلة الجسد: هذه العناكب النحيلة، التي غالبًا ما تُرى في الأماكن الرطبة، تتغذى على العناكب الأخرى والحشرات، مما يساعد في السيطرة على أعدادها.
•عناكب الذئب: على الرغم من حجمها الكبير ومظهرها المخيف، إلا أن عناكب الذئب غير عدوانية تجاه البشر وسمها ضعيف. هي مفترسات ليلية مهمة للحشرات واللافقاريات الصغيرة.
إن فهم الدور الإيجابي لهذه العناكب في بيئتنا يساعدنا على تقديرها وعدم الخوف منها، بل والتعايش معها كجزء طبيعي ومفيد من الحياة.
سلوك العناكب وأنماط حياتها: من الصيد إلى التكاثر
تُظهر العناكب مجموعة واسعة من السلوكيات وأنماط الحياة التي تتكيف مع بيئاتها المختلفة وطرق صيدها. يمكن تقسيم سلوكياتها الرئيسية إلى عدة جوانب:
•الصيد: تختلف طرق الصيد بين العناكب بشكل كبير. فبعضها، مثل العناكب غازلة الشبكات، تعتمد على بناء شبكات معقدة لاصطياد فرائسها. هذه الشبكات ليست مجرد مصائد، بل هي أيضًا أدوات حسية تنقل الاهتزازات إلى العنكبوت، مما يمكنه من تحديد موقع الفريسة وحجمها. أنواع أخرى، مثل العناكب القافزة وعناكب الذئب، هي مفترسات نشطة لا تبني شبكات للصيد، بل تطارد فرائسها وتنقض عليها باستخدام بصرها الحاد وسرعتها. وهناك عناكب أخرى تستخدم التمويه أو الاختباء لمفاجأة فرائسها.
•التكاثر: عملية التكاثر لدى العناكب معقدة وتتضمن طقوسًا مميزة. يقوم الذكر عادة بجذب الأنثى من خلال عروض مغازلة تتضمن اهتزازات معينة على الشبكة، أو حركات رقص، أو تقديم هدية (فريسة ملفوفة بالحرير). بعد التزاوج، تضع الأنثى البيض في كيس حريري تحميه بعناية حتى يفقس. بعض الإناث قد تحمل الكيس معها، بينما تتركه أخريات في مكان آمن.
•بناء الملاجئ: لا تقتصر استخدامات الحرير على بناء الشبكات. فالعناكب تستخدم الحرير أيضًا لبناء ملاجئ تحميها من المفترسات والعوامل الجوية، أو لإنشاء جحور مبطنة بالحرير، أو حتى كوسيلة للتنقل عبر الهواء في ظاهرة تُعرف باسم “البالونينج” (ballooning)، حيث تطلق خيطًا من الحرير لتلتقطه الرياح وتحملها بعيدًا.
•الدفاع عن النفس: عندما تشعر العناكب بالتهديد، فإنها تستخدم آليات دفاعية مختلفة. قد تهرب بسرعة، أو تتظاهر بالموت، أو تطلق شعيرات مهيجة (كما تفعل بعض أنواع الرتيلاء)، أو في بعض الحالات، تلدغ للدفاع عن نفسها. بشكل عام، تفضل العناكب تجنب المواجهة مع الكائنات الأكبر منها، بما في ذلك البشر.
شبكات العناكب: هندسة طبيعية فريدة
تُعد شبكات العناكب من أعظم العجائب الهندسية في عالم الطبيعة، فهي ليست مجرد مصائد بسيطة، بل هي هياكل معقدة ومصممة بدقة متناهية. الحرير الذي تُصنع منه هذه الشبكات هو مادة طبيعية مذهلة، أقوى من الفولاذ بنفس الوزن، ومرن للغاية، مما يجعله مثاليًا لاصطياد الفرائس وتحمل الظروف البيئية القاسية. تُنتج العناكب أنواعًا مختلفة من الحرير لأغراض متنوعة، مثل حرير الصيد اللاصق، وحرير الإطار القوي، وحرير أكياس البيض الواقي.
تختلف أشكال الشبكات باختلاف أنواع العناكب وسلوكياتها. من أشهر أنواع الشبكات:
•الشبكات الدائرية (Orb Webs): هي الشبكات الكلاسيكية التي تخطر على البال عند ذكر العناكب، وتتميز بشكلها الحلزوني الدائري الجميل. تُبنى هذه الشبكات عادة بواسطة العناكب غازلة الشبكات الدائرية، وتُستخدم بفعالية لاصطياد الحشرات الطائرة.
•الشبكات الفوضوية أو المتشابكة (Tangle Webs / Cobwebs): تُعرف أيضًا باسم شبكات الكوب، وهي شبكات غير منتظمة الشكل تبدو فوضوية. تُبنى هذه الشبكات غالبًا بواسطة العناكب المنزلية، وتُستخدم لاصطياد الحشرات الزاحفة أو الطائرة التي تصطدم بها.
•الشبكات الأنبوبية (Funnel Webs): تُبنى هذه الشبكات على شكل قمع أو أنبوب، وتُستخدم كمأوى للعنكبوت ومصيدة للفرائس. يختبئ العنكبوت داخل الأنبوب وينتظر الفريسة لتمر بالقرب من فتحة القمع.
•الشبكات الشرشفية (Sheet Webs): هي شبكات مسطحة أو مقعرة تُبنى على سطح الأرض أو بين النباتات. غالبًا ما تحتوي على خيوط متشابكة فوق السطح تعمل كحواجز لإسقاط الحشرات على الشبكة الرئيسية.
إن قدرة العناكب على إنتاج هذا الحرير المذهل وبناء هذه الهياكل المعقدة تُظهر تكيفها الرائع مع بيئتها ودورها كمهندسين طبيعيين بارعين.

العناكب في بيئتنا العربية: تنوع وأهمية
تُعد منطقة الوطن العربي، بتنوعها الجغرافي والمناخي، موطنًا للعديد من أنواع العناكب المختلفة، التي تتكيف مع البيئات الصحراوية، والجبلية، والساحلية، وحتى الحضرية. على الرغم من أن بعض هذه الأنواع قد تثير القلق بسبب سميتها، إلا أن الغالبية العظمى منها تلعب دورًا بيئيًا حيويًا في الحفاظ على التوازن الطبيعي.
من أبرز أنواع العناكب التي يمكن العثور عليها في البيئة العربية:
•عناكب الجمل (Camel Spiders / Solifugae): على الرغم من اسمها، لا تُعد عناكب الجمل عناكب حقيقية بالمعنى التصنيفي الدقيق، بل تنتمي إلى رتبة منفصلة ضمن العنكبيات. تتميز بحجمها الكبير وسرعتها الفائقة وفكيها القويين. غالبًا ما تُرى في المناطق الصحراوية وشبه الصحراوية. على الرغم من مظهرها المخيف، إلا أنها ليست سامة للإنسان، ولكن عضتها قد تكون مؤلمة بسبب قوتها. تلعب دورًا مهمًا في مكافحة الحشرات والقوارض الصغيرة.
•العناكب المنزلية الشائعة: تنتشر هذه العناكب في المنازل والحدائق في جميع أنحاء المنطقة، وتساعد في التخلص من الحشرات المزعجة مثل الذباب والبعوض.
•بعض أنواع الرتيلاء: توجد بعض أنواع الرتيلاء في مناطق معينة من الوطن العربي، خاصة في البيئات الجبلية والصحراوية. هذه العناكب، على الرغم من حجمها، غالبًا ما تكون غير عدوانية وسمها ليس خطيرًا على الإنسان.
•العناكب الذئب: تنتشر أيضًا في البيئة العربية، وتُعد مفترسات فعالة للحشرات على الأرض.
تُظهر الدراسات أن العناكب في البيئة العربية، مثلها مثل العناكب في بقية أنحاء العالم، تُساهم بشكل كبير في التحكم البيولوجي في الآفات. فوجودها يُقلل من الحاجة إلى استخدام المبيدات الكيميائية، مما يحافظ على صحة البيئة والإنسان. إن فهمنا لهذه الكائنات ودورها يُعزز من تقديرنا للتنوع البيولوجي في منطقتنا ويُشجع على التعايش السلمي معها.

دور العناكب في التوازن البيئي
تُعد العناكب من أهم الكائنات الحية التي تُساهم في الحفاظ على التوازن البيئي على كوكب الأرض. على الرغم من صغر حجمها، إلا أن تأثيرها على النظم البيئية كبير وواسع النطاق. يكمن دورها الأساسي في كونها مفترسات طبيعية للحشرات، مما يجعلها جزءًا لا يتجزأ من سلسلة الغذاء.
•مكافحة الآفات الطبيعية: تتغذى العناكب على مجموعة واسعة من الحشرات، بما في ذلك تلك التي تُعتبر آفات زراعية أو ناقلات للأمراض. فمن خلال افتراسها للحشرات مثل الذباب، والبعوض، والصراصير، والخنافس، والديدان، تُساهم العناكب في تقليل أعداد هذه الحشرات بشكل طبيعي، مما يقلل من الحاجة إلى استخدام المبيدات الحشرية الكيميائية الضارة بالبيئة وصحة الإنسان. تُقدر بعض الدراسات أن العناكب تلتهم كميات هائلة من الحشرات سنويًا، تفوق بكثير ما تلتهمه الطيور أو الخفافيش.
•مؤشر صحة البيئة: يُمكن أن يُشير وجود أنواع معينة من العناكب إلى صحة النظام البيئي. فالتنوع في أنواع العناكب وأعدادها يُعد مؤشرًا على بيئة غنية ومتوازنة، بينما قد يُشير غيابها أو انخفاض أعدادها إلى وجود خلل بيئي.
•مصدر غذاء لكائنات أخرى: تُعد العناكب نفسها مصدرًا للغذاء للعديد من الكائنات الأخرى في السلسلة الغذائية، مثل الطيور، والسحالي، والضفادع، وبعض أنواع الحشرات الكبيرة. هذا الدور المزدوج كمفترس وفريسة يُعزز من استقرار النظم البيئية.
باختصار، العناكب ليست مجرد كائنات مخيفة أو مزعجة، بل هي حراس صامتون لبيئتنا، يعملون بجد للحفاظ على التوازن الطبيعي وحماية صحة كوكبنا.
نصائح للتعامل مع العناكب في المنزل
على الرغم من الدور البيئي الهام للعناكب، إلا أن وجودها داخل المنزل قد يسبب إزعاجًا أو قلقًا للبعض. إليك بعض النصائح للتعامل مع العناكب في بيئتك المنزلية بطرق فعالة وآمنة:
•الحفاظ على النظافة: تُعد النظافة الدورية للمنزل خط الدفاع الأول ضد العناكب. قم بتنظيف الأماكن التي تُفضلها العناكب مثل الزوايا، وتحت الأثاث، وخلف الستائر، وفي الأقباء، والمرائب. استخدم المكنسة الكهربائية لإزالة الشبكات والعناكب وبيضها.
•سد الفتحات والشقوق: العناكب تدخل المنازل من خلال أصغر الفتحات. قم بفحص الجدران، والنوافذ، والأبواب، والأساسات، وسد أي شقوق أو فجوات باستخدام مواد مانعة للتسرب أو شبك ناعم. تأكد من أن النوافذ والأبواب محكمة الإغلاق.
•إزالة مصادر الغذاء: تتواجد العناكب في المنازل بحثًا عن الطعام (الحشرات). بتقليل أعداد الحشرات الأخرى في منزلك، ستقلل من جاذبية منزلك للعناكب. حافظ على نظافة المطبخ، وتخلص من بقايا الطعام، وأصلح أي تسربات للمياه التي قد تجذب الحشرات.
•التحكم في الإضاءة الخارجية: تجذب الأضواء الخارجية الحشرات، والتي بدورها تجذب العناكب. استخدم مصابيح الصوديوم الصفراء بدلاً من المصابيح البيضاء الساطعة، أو قم بإطفاء الأضواء الخارجية عندما لا تكون هناك حاجة إليها.
•استخدام طاردات طبيعية: بعض الروائح قد تكون منفرة للعناكب. يمكنك استخدام الزيوت العطرية مثل زيت النعناع، أو زيت شجرة الشاي، أو زيت اللافندر، بوضع بضع قطرات منها على كرات قطنية وتوزيعها في الأماكن التي تتواجد فيها العناكب. قشور الحمضيات (الليمون والبرتقال) أيضًا قد تكون فعالة.
•النقل الآمن: إذا وجدت عنكبوتًا داخل المنزل ولا ترغب في قتله، يمكنك استخدام كوب وقطعة من الورق لنقله بأمان إلى الخارج. ضع الكوب فوق العنكبوت، ثم ادفع الورقة تحت الكوب لإغلاق الفتحة، ثم أطلق سراحه في مكان بعيد عن المنزل.
باتباع هذه النصائح، يمكنك تقليل وجود العناكب في منزلك والتعايش معها بشكل أكثر راحة، مع الحفاظ على دورها البيئي الهام.

أسئلة شائعة حول العناكب
هل جميع العناكب سامة؟
لا، الغالبية العظمى من العناكب ليست سامة للإنسان، أو أن سمها ضعيف جدًا ولا يسبب أي ضرر كبير. فقط عدد قليل جدًا من الأنواع (حوالي 200 نوع من أصل أكثر من 50,000 نوع) لديها سم قوي بما يكفي لإحداث تأثيرات طبية على البشر.
ما هو الفرق بين العنكبوت والحشرة؟
الفرق الرئيسي يكمن في التشريح. العناكب لديها ثمانية أرجل وجسم مقسم إلى جزأين رئيسيين (رأسصدر وبطن)، ولا تمتلك أجنحة أو قرون استشعار. أما الحشرات فلديها ستة أرجل وجسم مقسم إلى ثلاثة أجزاء (رأس وصدر وبطن)، ومعظمها يمتلك أجنحة وقرون استشعار.
لماذا تبني العناكب شبكاتها؟
تبني العناكب شبكاتها بشكل أساسي لاصطياد فرائسها من الحشرات. كما تستخدم الحرير لأغراض أخرى مثل بناء الملاجئ، وتغليف البيض، وتخزين الطعام، وحتى كوسيلة للتنقل عبر الهواء.
هل العناكب مفيدة للبيئة؟
نعم، العناكب مفيدة جدًا للبيئة. إنها تلعب دورًا حيويًا كمفترسات طبيعية للحشرات، مما يساعد في السيطرة على أعداد الآفات الزراعية والحشرات المزعجة في المنازل والحدائق. هذا يقلل من الحاجة إلى استخدام المبيدات الكيميائية.
ماذا أفعل إذا لدغني عنكبوت؟
في معظم الحالات، لدغات العناكب غير خطيرة ويمكن علاجها في المنزل بالثلج ومسكنات الألم. ومع ذلك، إذا كنت تشك في أن العنكبوت الذي لدغك سام (مثل الأرملة السوداء أو الناسك البني)، أو إذا ظهرت عليك أعراض شديدة مثل صعوبة في التنفس، أو آلام شديدة، أو تورم كبير، يجب عليك طلب المساعدة الطبية فورًا.
هل يمكن للعناكب أن تعيش تحت الماء؟
معظم العناكب لا تستطيع العيش تحت الماء، ولكن هناك بعض الأنواع المتخصصة، مثل عنكبوت الماء (Argyroneta aquatica)، الذي يبني جرسًا هوائيًا تحت الماء ويملأه بالهواء ليتمكن من العيش والصيد فيه. هذه الأنواع نادرة جدًا.